ـ "... إن فى الإنسان منطقة عجيبة سحيقة لا تصل إليها الفضيلة ولا الرذيلة ، ولا تشع فيها شمس العقل والإرادة ، ولا ينطق لسان المنطق ، ولا تطاع القوانين والأوضاع ، ولا تتداول فيها لغة أو تستخدم كلمة ... إنما هى مملكة نائية عن عالم الألفاظ والمعاني ... كل مافيها شفاف هفاف يأتي بالأعاجيب فى طرفة عين ... يكفي أن ترن فى أرجائها نبرة ، أو تبرق لمحة ، أو ينشر شذا عطر ، حتى يتصاعد من أعماقها فى لحظة من الإحساسات والصور والذكريات ، ما يهز كياننا ويفتح نفوسنا على أشياء لا قبل لنا بوصفها ، ولا بتجسيدها ، ولو لجأ إلى أدق العبارات و أبرع اللغات ... " ـ

توفيق الحكيم

Within man lies a deep wondrous spot, to which neither virtue nor vice can reach. Upon which the sun of reason and will never rise. In which the mouth of logic never speaks, the laws and rules are never obeyed, and not a language is used nor a word is ever spoken.
It is a distant Kingdom, beyond words and meanings. With everything is a sheer murmur offering wonders in a blink. From the depths of which, suffice a single tone or a flash of mind or a scent of a perfum, to allow rise of emotions, pictures and memories, a rising that will shake our being and open ourselves to things we can neither describe nor materialize even if we used the most refined of phrases or the most skillful of languages.

Tawfiq Al-Hakim.
(My humble transalation of the arabic text)

Monday, December 07, 2009

موقف من المواقف

مواقف
بقلم‏:‏ أنيس منصور


كشف الفاتيكان عن أن البابا يوحنا الثاني كان يجلد نفسه بالسياط عقابا لذنوب اقترفها‏.‏ وكان صوت السياط يلهب ظهره مسموعا‏.‏

وبعض المؤمنين الكاثوليك كانوا يفعلون ذلك‏.‏ ويقولون ان المسيح عليه السلام كانوا يلسعونه بالسياط ــ فهم يتعذبون كالمسيح عليه السلام‏.‏

وبعض الفرق الشيعية تمشي في مظاهرات يضربون أنفسهم بالسياط أو يدقون صدورهم‏..‏ وكنا نري في الريف أناسا يضربون أنفسهم بأعواد الحديد وينزفون الدم‏.‏ واختفوا ــ لعل الدولة هي التي حرمت هذه الممارسات العنيفة‏.‏

ياتري لو كل واحد منا أراد أن يعاقب نفسه‏.‏ هل يستخدم العصا أو الكرباج أو الجزمة‏.‏ وليس بيننا واحد لم يندم‏.‏ ولا واحد لم يقل‏:‏ والله أنا طلعت حمار‏..‏ والله أنا أستحق ضرب الجزمة القديمة‏..‏

لأنه أحب‏..‏ ولأنه تزوج‏..‏ ولأنه انجب أولادا‏..‏ ولأنه صدق فلانا‏..‏ ولأنه انضم الي الحزب الفلاني‏..‏لأنه ضارب في البورصه‏..‏ لأنه اندفع وقال‏:‏ لساني كان لازم يتقطع لأنني قلت ولم يكن في نيتي أن أقول‏..‏

هل لو خير الذين في المعتقلات أو في السجون هل تكفيهم الجزم للانتقام من أنفسهم؟ من المؤكد أن عددا كبيرا لا يرفضون العقوبة مهما كانت الجزمة لها كعب مدبب أو كلها مسامير‏.‏

في زيارة للسجن قابلت عددا انهوا حياتهم هناك‏.‏ قالوا‏:‏ لم تكن مشكلتنا اننا قتلنا‏..‏ مشكلتنا أن الذي قتلناه كان يجب أن نقتله ألف مرة‏..‏

كان الشاعر الالماني شيلر يحرق أصابعه بالشمعة المضيئة حتي لا يغلبه النوم‏..‏ وفي آخر أيامه قال مامعناه‏:‏ إنني أستحق علي خطاياي مائة جلدة‏...!‏

جريدة الأهرام -

العدد 44926 ‏
الأثنين
20 من ذى الحجة 1430 هـ
7 ديسمبر 2009 م

السنة 134

No comments: