الأغنية اللى فاتت دى -زي كتير من الأغانى اللى موجودة فى البلوج ده واللى عندى على كاسيتات واللى موجودين بس فى الذاكرة- فكرتنى بيه . لأنى دايما كنت بأسمعهم وانا فى حالة من أتنين إما زى الناس الطبيعية قاعدة قدامه على الكرسى أو -وده غالبا اللى كان الوضع القائم- قاعدة فوقه !!مكتب خشب بني كبيييييير حوالى 2 متر* متر . كان قديم وأنا عارفة كده بس عمري ما سألت عمره كام سنة علشان ما أفكرش صاحبه بماضى ممكن يحزنه. غالبا كان تعدى الستين أو السبعين سنة فى تسعينيات القرن العشرين. أعتقد انه كان موجود من أوائل الثلاثينيات و يمكن قبل كده . ماكانش مكانه الأوضة الجميلة اللى بتطل على فراغ دى و اللى ساعة العصر بتكون الشمس فيها حنونة قوى . كان فى مكانه اللى اتعمل علشانه أساسا واللى كان مناسب له أكتر بكتير .... مكتب تحريرصحيفة سكندرية علشان نرصد تاريخها وتاريخ أصحابها هانرصد عصرين عصر ملك مستبد ساد فيه الجهل و المرض زى ماقالوا بس على الأقل كان اللى نفسه فى حاجة كان بيقولها ويعبر عنها من خلال صحيفة ولا كتاب. و عصر ثورة مباركة جابت معاها الحق و العدل -زى ماقالوا برضه- بس أقفلوا الصحف المستقلة كلها و إلا !!!.... ما علينا من السياسة .
المكتب ده فعلا قعدت فوقه أكثر بكثير ما قعدت قدامه . خشب بس حنين جدا .زوايا حادة أعتقد موديلات العشرينات أو الثلاثينيات المجردة من الزخرفة. واااااااسع جدا مهما حطيت عليه حاجات كان بيبقى فيه أماكن فاضية تانية تحط حاجة جديدة . كان ترابيزة رسم و مكواة و خياطة و قاعة مذاكرة لأكتر من شخص و مكتبة ومعمل علوم و محطة ترانزيت لأوراق و كتب ومجلات ملهاش حصر و احيانا حتى سلم لدولاب كتب عالى-مع عميق الإحترام- . كمان كانت أغلب أدراجه وضلفه خزنة لذكريات من أول أصحابه . لناس ماتت من سنين وفضل منها أحسن حاجة... علم أو سعى له. لحظات كارثية كوميدية فى حياتى كانت بيسبقها دايما إنى فوق المكتب بأفكر فى كارثة من كوارث الأطفال أو المراهقين -العاقلين جدا-.لما بأسمع الأغاني دى كلها بأفتكر المكتب ده . كتير منها سمعته و أنا طفلة مش طايلة حتى سطح المكتب لما كان متعلق فوقه بوسترات كتير لمغنيين و مغنيات السبعينيات .و كتير منها زى اغانى بينك فلويد اللى فاتت دى سمعته وانا فى الكلية بأذاكر و الراديو برضه على المكتب وجنبه الأباجورة وكثير قوى بأفتكر المنظر لما الدنيا ليل و الراديو مضبوط على البرنامج الأوروبي و الأباجورة منورة وبتدى شوية دفا فى الشتا.
للأسف مات صاحب المكتب الأخير من غير ما أسأله عن عمر المكتب بالضبط وضاع المكتب نفسه فى ظروف مش غامضة قوى بس أنا معرفتش هو بالذات حصل له إيه و دايما دايما بأفتكره و أقول ياترى أصحابه التاليين كانوا حنينيين عليه و لاأهانوه. ماهو أصله عزيز قوم ذل.
أعتقد دى خطبتى فى رثاء المكتب البني
ـ "... إن فى الإنسان منطقة عجيبة سحيقة لا تصل إليها الفضيلة ولا الرذيلة ، ولا تشع فيها شمس العقل والإرادة ، ولا ينطق لسان المنطق ، ولا تطاع القوانين والأوضاع ، ولا تتداول فيها لغة أو تستخدم كلمة ... إنما هى مملكة نائية عن عالم الألفاظ والمعاني ... كل مافيها شفاف هفاف يأتي بالأعاجيب فى طرفة عين ... يكفي أن ترن فى أرجائها نبرة ، أو تبرق لمحة ، أو ينشر شذا عطر ، حتى يتصاعد من أعماقها فى لحظة من الإحساسات والصور والذكريات ، ما يهز كياننا ويفتح نفوسنا على أشياء لا قبل لنا بوصفها ، ولا بتجسيدها ، ولو لجأ إلى أدق العبارات و أبرع اللغات ... " ـ
توفيق الحكيم
Within man lies a deep wondrous spot, to which neither virtue nor vice can reach. Upon which the sun of reason and will never rise. In which the mouth of logic never speaks, the laws and rules are never obeyed, and not a language is used nor a word is ever spoken.
It is a distant Kingdom, beyond words and meanings. With everything is a sheer murmur offering wonders in a blink. From the depths of which, suffice a single tone or a flash of mind or a scent of a perfum, to allow rise of emotions, pictures and memories, a rising that will shake our being and open ourselves to things we can neither describe nor materialize even if we used the most refined of phrases or the most skillful of languages.
Tawfiq Al-Hakim.
(My humble transalation of the arabic text)
Within man lies a deep wondrous spot, to which neither virtue nor vice can reach. Upon which the sun of reason and will never rise. In which the mouth of logic never speaks, the laws and rules are never obeyed, and not a language is used nor a word is ever spoken.
It is a distant Kingdom, beyond words and meanings. With everything is a sheer murmur offering wonders in a blink. From the depths of which, suffice a single tone or a flash of mind or a scent of a perfum, to allow rise of emotions, pictures and memories, a rising that will shake our being and open ourselves to things we can neither describe nor materialize even if we used the most refined of phrases or the most skillful of languages.
Tawfiq Al-Hakim.
(My humble transalation of the arabic text)
No comments:
Post a Comment