فى روايته "يوميات نائب فى الأرياف - 1937" توفيق الحكيم ذكر موقف مر بالبطل ضمن الأحداث التى مرت به خلال نيابته بالريف المصرى . الرواية منشورة سنة 1937 و تعرض أحداث مرت به قبلها بسنوات . بصفتها رواية يجب أن تكون بعض الأحداث خيالية حتى لو كانت نوع من السيرة الذاتية ولكن قناعتى الشخصية ان هذا الموقف هو موقف حقيقى مر بالكاتب !! وهو إن دل فهو يدل على طريقة فهم- او عدم فهم - بعض العقليات لمرجعياتها الدينية أو الفكرية أو السياسية او حتى الإجتماعية و إنعكاس ذلك على تفاعلها مع الأحداث على المستوى العام وربما المستوى الخاص . على الجانب المعاكس للشيخ بطل الموقف حضرنى موقف شيخ أزهرى هو رفاعة الطهطاوى - قبل الموقف الآتى ذكره بحوالى 75 سنة - من الحضارة الأوروبية ممثلة فى فرنسا وتعامله الموضوعى تماما معها من خلال كتابه تخليص الإبريز فى تلخيص باريز .
نص الموقف من الرواية ...
" والتفت القاضى إلىَ وقال :
- تصور يا سيدى البك أن هذا الأفندى مدرس جغرافيا فى المدرسة الثانوية ، ألقى فيها محاضرة علنية عن عالم نصرانى اسمه "شنتون" قال إنه عرف بالضبط وزن الأرض و السماء ... أستغفر الله العظيم...
وتأملت قليلا فى الاسم الذى نطقه القاضى . واهتديت آخر الأمر إلى أن المقصود به العالم الرياضى "اينشتين" ولذ لى أن أعرف ما جرى ، فهذا من غير شك صراع بين عقليتين و اصطدام بين رأسين يحلو لمثلى دائما أن يشاهده ويقف على مداه ، فقلت للقاضى فى شئ من الاهتمام :
- وحضرت المحاضرة يا فضيلة الشيخ !
- حضرت و الأمر لله من قبل و من بعد .
- وماذا حصل ؟
- حصل يا سيدى أن هذا المدرس قام وقال فى حضرة الباشا المدير وكبار الموظفين و الأعيان . إن هذا العالم الكافر قد أتى بما لم يأتِ به الأوائل و الأواخر ، فقمت وصحت به : كذاب يا حضرة المدرس ، لقد قال الله فى كتابه العزيز : { ما فرطنا فى الكتاب من شئ } ؛ فأسكتنى الحاضرون فسكت تأدبا لوجود سعادة المدير ، ولولا هذا ما سكت ورب الكعبة ، ثم استمر هذا الأفندى فى كلام لا هو بالمعقول ولا هو بالمنقول إلى أن قال : إن عالمه النصرانى قد إستطاع بمعادلات جبرية أن يزن الأرض و السماء ! فما تمالكت نفسى ونهضت وأنا أنتفض وصحت به : مهلا يا حضرة الأفندى مهلا ، أخبرنا قبل كل شئ ، هل هذا العالم "شنتون" وزن السموات و الأرض بالكرسى أم بدون الكرسى ؟ ... فارتبك المدرس ونظر إلى قائلا : كرسى إيه ؟ ، فرددت عليه بالآية الشريفة { وسع كرسيه السموات و الأرض .. } أجب أيها المدرس الأفاك ، ها هنا الحاصل و الجوهر ، الوزن كان بالكرسى أو بغير الكرسى؟ .. " ـ
نص الموقف من الرواية ...
" والتفت القاضى إلىَ وقال :
- تصور يا سيدى البك أن هذا الأفندى مدرس جغرافيا فى المدرسة الثانوية ، ألقى فيها محاضرة علنية عن عالم نصرانى اسمه "شنتون" قال إنه عرف بالضبط وزن الأرض و السماء ... أستغفر الله العظيم...
وتأملت قليلا فى الاسم الذى نطقه القاضى . واهتديت آخر الأمر إلى أن المقصود به العالم الرياضى "اينشتين" ولذ لى أن أعرف ما جرى ، فهذا من غير شك صراع بين عقليتين و اصطدام بين رأسين يحلو لمثلى دائما أن يشاهده ويقف على مداه ، فقلت للقاضى فى شئ من الاهتمام :
- وحضرت المحاضرة يا فضيلة الشيخ !
- حضرت و الأمر لله من قبل و من بعد .
- وماذا حصل ؟
- حصل يا سيدى أن هذا المدرس قام وقال فى حضرة الباشا المدير وكبار الموظفين و الأعيان . إن هذا العالم الكافر قد أتى بما لم يأتِ به الأوائل و الأواخر ، فقمت وصحت به : كذاب يا حضرة المدرس ، لقد قال الله فى كتابه العزيز : { ما فرطنا فى الكتاب من شئ } ؛ فأسكتنى الحاضرون فسكت تأدبا لوجود سعادة المدير ، ولولا هذا ما سكت ورب الكعبة ، ثم استمر هذا الأفندى فى كلام لا هو بالمعقول ولا هو بالمنقول إلى أن قال : إن عالمه النصرانى قد إستطاع بمعادلات جبرية أن يزن الأرض و السماء ! فما تمالكت نفسى ونهضت وأنا أنتفض وصحت به : مهلا يا حضرة الأفندى مهلا ، أخبرنا قبل كل شئ ، هل هذا العالم "شنتون" وزن السموات و الأرض بالكرسى أم بدون الكرسى ؟ ... فارتبك المدرس ونظر إلى قائلا : كرسى إيه ؟ ، فرددت عليه بالآية الشريفة { وسع كرسيه السموات و الأرض .. } أجب أيها المدرس الأفاك ، ها هنا الحاصل و الجوهر ، الوزن كان بالكرسى أو بغير الكرسى؟ .. " ـ
2 comments:
أختيار رائع .. تحياتى
اشكرك :)
Post a Comment