ـ "... إن فى الإنسان منطقة عجيبة سحيقة لا تصل إليها الفضيلة ولا الرذيلة ، ولا تشع فيها شمس العقل والإرادة ، ولا ينطق لسان المنطق ، ولا تطاع القوانين والأوضاع ، ولا تتداول فيها لغة أو تستخدم كلمة ... إنما هى مملكة نائية عن عالم الألفاظ والمعاني ... كل مافيها شفاف هفاف يأتي بالأعاجيب فى طرفة عين ... يكفي أن ترن فى أرجائها نبرة ، أو تبرق لمحة ، أو ينشر شذا عطر ، حتى يتصاعد من أعماقها فى لحظة من الإحساسات والصور والذكريات ، ما يهز كياننا ويفتح نفوسنا على أشياء لا قبل لنا بوصفها ، ولا بتجسيدها ، ولو لجأ إلى أدق العبارات و أبرع اللغات ... " ـ

توفيق الحكيم

Within man lies a deep wondrous spot, to which neither virtue nor vice can reach. Upon which the sun of reason and will never rise. In which the mouth of logic never speaks, the laws and rules are never obeyed, and not a language is used nor a word is ever spoken.
It is a distant Kingdom, beyond words and meanings. With everything is a sheer murmur offering wonders in a blink. From the depths of which, suffice a single tone or a flash of mind or a scent of a perfum, to allow rise of emotions, pictures and memories, a rising that will shake our being and open ourselves to things we can neither describe nor materialize even if we used the most refined of phrases or the most skillful of languages.

Tawfiq Al-Hakim.
(My humble transalation of the arabic text)

Thursday, April 28, 2011

شيكولاتة و فراولة ......إكتشاف أهداف

أهداف سويف .. للأسف ..اكتشفتها دلوقتى بس مع أنى أعرف الأسم من سنوات...سبب التأخير ...منهم لله بقى الكاتبات العربيات المقيمات فى الغرب (والشرق)اللى سببوا لى عقدة نفسية بنسبة 99.9% من طريقة وفكر و اسلوب كتاباتهم (الأنثوية ) اللى تصب فى اتجاه واحد .عقد نفسية مركبة من مجتمع شرقى ذكورى !!.لكن الحمد لله أنى ما استسلمتش للستيريوتيبنج ..أعطيت نفسى قبل ما أعطيها فرصة للتعرف عليها
أهداف .. من روايتها الوحيدة اللى قرأتها لها - حتى الان واللى هاتزيد فى الفترة القادمة إن شاء الله - اقدر أقول (كقارئة على قد الحال ) أنها على الأقل أسلوبها لا يتسم بكآبة و أحباط وكبت و تعقيد أغلب الباقيات...اللى أحسيته من روايتها انها شخصية مشرقة عاقلة متأملة ومطلعة..لها القدرة أولا و أخيرا على الكتابة وتوصيل اقوى الأفكار برقة قلما تتوفر فى زمن كفرت أنا فيه بالكُتاب الجدد -تقريبا كلهم - بعد ما اصبح الأجود بيقيم على أساس قوة (الرزعة- مش لاقية كلمة دلوقتى مناسبة اكثر - الرزعة .. الهبدة .. الخبطة ..كده يعنى ) سواء فى الاسلوب أو الكلمة او الصورة



خارطة الحب ..روايتها المنشورة 1999 بالإنجليزية والمعاد نشرها فى مصر بالعربية فى 2010 كانت (لحسن الحظ ) هى أصلح كتاب أقرؤه فى هذه الفترة على ما أعتقد .اشتريته من فترة لكن كبره - 702 صفحة وكونه مكتوب بواسطة كاتبة وحالتى العامة اخروا فكرة أن أبدأ القراءة فيه لحد اسبوع فات ..اجازة شم النسيم ... اسبوع فى الخلاء بعيد جدا عن أى حاجة (وضع مشابه لمشهد هام فى الرواية) . أخدته فى الشنطة مع رواية إنجليزية و كتاب دينى و حسب الوضع كان واحد من الثلاثة هايخلص .بدأت قراءة خارطة الحب ... و خلال أربع أيام كانت أنتهت .
انا سعيدة جدا ...أولا لأن من سنين مفيش حاجة أستفزتنى أكتب عنها لأنى حبيتها كده و عاوزة اشاركها مع ناس كثير
لأن من زمااااااان مفيش حاجة أجبرتنى اقرأها بالشراهة دى .. 250-300 صفحة فى يوم
لأن من فترة مفيش حاجة ألحت علي أفكارى حتى و هى بعيدة عنى بالقوة دى
لأن من فترة مفيش حاجة اسعدتنى وانا أمر خلالها بالأسلوب أو الصورة زى كلمات اهداف فى الرواية
لأنى كنت محتاجة شئ يأخذنى بعيدا عن الأوضاع الحالية وفى نفس الوقت لا يبعدنى عنها !!
ولأن من زمان مفيش حاجة خلتنى حسيت بأحاسيس غريبة وأنا باقرأها زى الرواية دى ..معرفش ليه أحسيت فى لحظات كثير بطعم ولون الشيكولاتة الغامقة مع عصير فراولة باللبن .متعة مع مرارة مع تفاؤل حلو ..دوامة عاوزاها تستمر لمالا نهاية
من زمان مفيش حاجة كنت كل ما أقرب من نهايتها ينتابنى احساس الحزن أنها ها تنتهى
الرواية دى مش قصص حب و لا قصص كفاح ولا قصص صراع بين عالمين ..هى خليط جميل من عوالم متوازية و متقاطعة .. من أزمنة متباعدة ومتداخلة ... من أماكن كانت أو هاتكون...من ماضينا و حاضرنا و مستقبلنا ... أحنا ...الفرد و الجماعة
ممكن أكون مغالية فى رد فعلى للرواية بس ده انطباعى الشخصى ..وكثير جدا بعين الخيال أثناء القراءة تخيلتها متحولة لفيلم او مسلسل ..بالضبط تخيلت ألوان فيلم المريض الأنجليزى. .وانتاج زيه كده ..يمكن الرابط بينهم هى مصر! يمكن طريقة غزل شخصيات خيالية مع شخصيات و احداث حقيقية !! ..يمكن الرابط بينهم هم الأنسان فى كل مكان .بس لو هايبهدلوا النص ولا صورة الأشخاص ..ياريت بلاش :) أنا متنازلة عن الفيلم ده

بسبب حماسى كمان قررت اقتبس سطور من كلام شخصيات الرواية و اضيفها للبوست ده يمكن تحمس باقى الناس

أمل (1997): على أنى أعرف كيف انتهت الحكاية ، ولا أظن أن هذا مهم ، فنحن دائما نعرف نهاية القصة ، أما ما نجهله فهو ما يحدث فى الطريق إلى النهاية

آنا (1901): مستر يونج ،وهو مؤرخ ، رأيه أن المصريين لهم شخصية مصرية فعلا لكنهم لم يعوها بعد . وذكر حركة عرابي باشا ( التى طالما سمعتك تتحدث عنها ) كدليل على وجود هذه الشخصية - وكان هذا الحديث على درجة من الميتافيزيقية لا يرتاح لها مستر بويل....

أمل (1997): كنت أحب أمي وعشت معها 22 سنة ، لكن يبدو لى اليوم أني لم أدرك منها إلا طرفا ، ولم أفهمها جيدا .ليتني أنصت جيدا إلى فحوى حديثها ، ليتها خلفت لي شيئا منها ، رسالة مثلا كتبتها فى أمسية هادئة وهى وحدها ، رسالة أقرؤها فيما بعد وقد كبرت واصبحت أقدر على الفهم . لم أفهم حقا إلا فيما بعد ،بعد سنوات وسنوات عندما تملكتنى الحاجة إلى العودة،..............عندئذ فقط أدركت كيف يغمرك الشوق إلى مكان فلا تملك إلا أن تعود- كما فعلت أنا - وتلتقط من المدينة أجزاء هنا و هناك لتشكل منها المكان الذي عرفته يوما ، ولكن ما العمل إذا استحالت العودة؟ـ

شريف البارودى (1901): الفرق كبير ،لقد تصرفوا فى حدود القانون، وتصرفتم أنتم خارج القانون، تريدون أن تضمنوا محاكمة عادلة لحسني بك ؟ أن تسير الأمور بالقانون ؟ بالخروج على القانون وكسره؟
- يا باشا القانون يخدم الإنجليز
- القانون لا يخدم أحدا، يمكن أن يُلوَى القانون، ويمكن التحايل عليه ، لكن إذا كنا نريد أن يحترم الإنجليز ما لدينا من قانون لا يصح لنا أن نقوم فجأة و ننحى القانون و نقول : تصرفنا هذه المرة بدون الرجوع إليه

إيزابل ( 1997) : ماذا عن الأصوليين ؟ أين دورهم فى هذا كله، هل يمكن أن نقول أنهم يتحدثون بصوت الشعب ؟
يرد الدكتور رمزي: لا أهمية لهؤلاء المتطرفين . ما يحتاجون إليه فعلا هو لقمة العيش و مكان للسكن.
يقول محجوب : هم الوحيدون الموجودون فعلا فى الساحة ، هل يمكن لأحدنا أن يفسر كيف تمكنوا من إحتلال تلك المساحة الواسعة؟
ترد دينا : الأحزاب الأخرى ضربت جميعها ، عشنا خمسين عاما من غياب الديمقراطية .
يقاطعها مصطفى الشرقاوى : لقد ضربوا مثل غيرهم من الأحزاب ، واضطروا إلى العمل فى الخفاء لكنهم عادوا ، قُتِل قادتهم فأتخذوا قادة جددا، بان الإحتيال فى كثير من مشروعاتهم الإقتصادية لكن مصداقيتهم لم تتأثر ، يقتل شبابهم كل يوم فيجندون شبابا جددا، لن يختفوا من الساحة، وصلوا إلى حد الإستيلاء على منبر اليسار ومصطلحه ، ويتحدثون عن العدالة الإجتماعية.
........
تسألت إيزابل فى حذر: هل يمكن أن يصلوا إلى الحكم فى إنتخابات حرة ؟

شريف البارودي( 1901) : إذن أخبرينى .ما رأيك ؟ أيهما أفضل ؟ أن نختار الفعل وقد نرتكب خطأ مميتا ، أم نقعد عنه ونموت - على أي حال - موتا بطيئا ؟
فكرت ، حاولت أن أفاضل ، لكن الأمر كان صعبا مع الرعشة التى تملكتني ، و فى وقفته أمامى ، طويل قوي يسد على النظر فلا أرى سواه . اخيرا نطقت : أظن أن عليك أن تعرف نفسك أولا قبل كل شئ.
- هى إذن حكيمة بالإضافة إلى جمالها وصلابة رأسها .

آنا ( 1901) : عند ذكر اسم كرومر أمام ليلى تحجر التعبير في وجهها ولما ألححت عليها فى السؤال قالت : لورد كرومر رجل وطني يقوم على خدمة بلده ، نحن نفهم هذا لكن يجب ألا يتظاهر بانه يخدم مصر .

’’وماذا لو كنت تخترعها لنفسك ؟ ما المشكلة ؟ إننا جميعا يخترع بعضنا بعضا إلى حد ما ،، ينحني يعقوب أرتين باشا ويقدم له سيجارا .................
- كان واضحا لى أنها تخترع لى شخصية : تضيف لها الملامح ونحن نتقدم فى الرحلة - يشعل شريف باشا السيجار ويسحب نفسا عميقا عدة مرات .
......
هل بمقدوره يوما أن يعرفها حقا ؟ أم يقدر لهما أن يتمسك كل منهما بما تخيله عن الآخر فتضحى حياتهما معا أشد وحشة من العيش بإنفراد؟
- إننا نتحدث معا بالفرنسية ،فلا هى تتحدث لغتى، و لا أنا أتحدث لغتها
يرد إسماعيل صبري في تأمل : ربما هذا أحسن ! تبذل مجهودا تتأكد أنك تفهمها وأنها تفهمك . فى بعض الأحيان أرى أننا نفترض أننا نعني نفس الشئ لمجرد أننا نستخدم نفس الألفاظ

أمل (1997) أقول : سأفعل ما بيدي، سأعيش فى طواسي و أرعى الأرض بنفسي
- وتعتقدين أن هذا سيساعد مصر؟
يبدو أنه لا يصدق ما يسمعه
- ترعين قطعة أرض و تسعدين قلة من الفلاحين ؟
- سأعيد تشغيل الوحدة الصحية
- وستقولين إنك ستعلمينهم النسيج لينسجوا قماشهم بأنفسهم
- وسأعيد فتح المدرسة

آنا ( 1901) : وتبرز على الساحة اليوم فئات أخرى : مثلا أناس كان من الممكن أن يتقبلوا تأسيس التعليم المدني أو الإستغناء تدريجيا عن الحجاب لكنهم اليوم يعارضون هذه التطورات لشعورهم بالحاجة إلى التمسك بقيمهم وتقاليدهم الموروثة فى وجه الاحتلال . وفى نفس الوقت يجد الواقفون في صف التغير و التطور أنفسهم مضطرين دوما إلى درء شبهة الضلوع مع الإنجليز.

آنا (1905) : ...على أنى أعتقد الأن ان احتياج المصريين لأن يتحدث الإنجليز باسمهم يشكل نقطة ضعف ، فهناك من يتسالون كيف يمكن للمصريين أن يحكموا أنفسهم إذا كانوا عاجزين عن شرح قضاياهم؟ والواقع أنهم لا يستطيعون الكلام لأنهم لا يجدون منبرا للحديث ، ولصعوبات اللغة التي تواجههم، ولا أعنى بهذا مجرد القدرة على ترجمة الخطاب العربي إلى الإنجليزية ، بل القدرة على الحديث كما يتحدث الإنجليز أنفسهم، عندئذ فقط تظهر عدالة قضيتهم للسامعين ، إذا نزع عنها رداء المصطلح الاجنبي.

آنا ( 1902) - تتعلم العربية : حب ، أحب ، يحب . عشق يعنى حب ربط أثنين معا ، شغف هو حب يعشش فى حجرات القلب ، هيام هو حب يطوف الأرض ، تيه يعنى حب تفقد فيه نفسك .، ولـٌَه هو حب يحمل الأسى فى طياته ، صبابة تعنى حب ينضح من المسام ، هوى هو حب يشترك بالاسم مع الهواء ومع السقوط ، والغرام هو حب على استعداد لدفع الثمن . ما أكثر ما تعلمت فى السنة الماضية! ليس فى مقدوري أن أصف كل ما تعلمته.

آنا ( 1911) : حاولت، حاولت بصدق أن اخبرها . لكنها لا تستطيع - أو لا تريد - أن تفهم أو تخلى عن الأمل . إنها تنتظره فى كل لحظة

كلمة اخيرة : الترجمة ... أنا اتحاشى ما استطعت قراءة شئ مترجم. فى أحيان كثيرة أصاب بإحباط لتخيلى أمكانية الوصول لنص مترجم أجود .. هنا الترجمة لم احس بها عائقا على الإطلاق لدرجة تصورى أن الرواية أصلا مكتوبة بالعربية . المترجمة هنا للصدفة أو حسن الحظ هى والدة الكاتبة . د. فاطمة موسى أستاذة الأدب الإنجليزى بجامعة القاهرة

No comments: